بقلم المهندس/ طارق بدراوى
مبني الإذاعة والتليفزيون هو المقر الرئيسي لاتحاد الإذاعة والتليفزيون والذى كانت تصور وتسجل داخل استوديوهاته وتبث منه جميع البرامج التليفزيونية والإذاعية ويطلق عليه ايضا مبني ماسبيرو نسبة إلى الشارع الذى يوجد به المبني والذى تم تسميته علي إسم عالم المصريات الفرنسي جاستون ماسبيرو الذى كان مهتما بالآثار المصرية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادى وكان وراء إنشاء دار الآثار المصرية القديمة في بولاق وجمع فيها كمية كبيرة من الآثار ثم نقلها بعد ذلك إلى سرايا الخديوى إسماعيل بالجيزة لما ضاق بها المكان وكذلك خوفا عليها من وصول مياه الفيضان إليها ثم بعد ذلك كان هو من وقع عليه إختيار الخديوى عباس حلمي للإشراف على بناء المتحف المصرى المتواجد حاليا بميدان التحرير …..
وهذا المبني الضخم تم البدء في تشييده بموجب قرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في شهر أغسطس عام 1959م وعلي ان يكون جاهزا في شهر يوليو عام 1960م ليتم افتتاحه وبدء البث التليفزيوني خلال الإحتفال بالعيد الثامن لثورة 23 يوليو عام 1952م وتم رصد ميزانية قدرها 108 آلاف جنيه لزوم تشييد هذا المبني الضخم وكان تحديا كبيرا واستمر العمل الشاق ليلا ونهارا طيلة سنة كاملة بلا راحة وتم بالفعل إفتتاح المبني في الموعد المقرر ….
ويضم المبني عددا كبيرا من استديوهات التصوير التليفزيوني والتسجيل الإذاعي والبث التليفزيوني والإذاعي المباشر والمسجل والمكاتب الإدارية ويعد أول مبني للإرسال التليفزيوني في المنطقة العربية بأسرها وله الريادة في هذا المجال ولايفوتنا أن نذكر ان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان قد كلف الدكتور محمد عبد القادر حاتم والذى أطلق عليه لقب أبو التليفزيون بمهمة الإشراف علي تشييد هذا المبني وتشغيله بعد ذلك وبالفعل قام الرجل بمهمته علي أكمل وخير وجه فتحية تقدير وإجلال له ورحمه الله رحمة واسعة فقد توفي منذ مدة قصيرة ويبقي أن نقول إن الإذاعة المصرية كانت قد تم إنشاؤها عام 1934م في عهد الملك فؤاد وشغلت مبني في شارع الشريفين بوسط مدينة القاهرة وتم نقلها إلى هذا المبني بعد تشييده ….
وعندما بدأ الإرسال التليفزيوني في مصر كان لايغطي جميع أنحاء البلاد ولذلك تم عمل محطات تقوية له في عدة مناطق منها محطة التقوية بالمقطم بالقاهرة ومحطة التقوية بقرية بطرة بمحافظة الدقهلية وكان هناك في البداية ثلاثة قنوات تليفزيونية فقط أولها هي القناة الأولى وكانت تسمي قناة رقم 5 وهي القناة الرئيسية وكان إرسالها في حدود من 7 إلى 8 ساعات يوميا فيما عدا يوم الجمعة كانت مدة الإرسال خلاله تصل إلى حوالي 12 ساعة حيث كان يبدأ في الساعة 11 صباحا تقريبا لإذاعة القرآن الكريم وشعائر صلاة الجمعة وكانت تذيع المسلسلات والأفلام والأغاني العربية إلى جانب عدة برامج متميزة مازلنا نذكرها مثل البرنامج الديني نور علي نور وكان يقدمه المذيع المعروف أحمد فراج ومن خلال هذا البرنامج كان ظهور وبدء بزوغ نجم الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله عام 1972م وبرنامج عالم الحيوان وكان يقدمه المذيع محمود سلطان وبرنامج جولة الكاميرا وكانت تقدمه المذيعة هند أبو السعود وبرنامج النادى الدولي وكانت تقدمه المذيعاتان فريدة الزمر وسلمي الشماع بالإشتراك مع الممثل سمير صبرى وكانت القناتان الثانية والثالثة تسميان القناة رقم 7 والقناة رقم 9 متخصصتين في إذاعة المسلسلات والأفلام والأغاني الأجنبية وكان إرسالهما في حدود من 4 إلى 5 ساعات يوميا لكل منهما وبعد هزيمة يونيو عام 1967م تم الاكتفاء بقناتين فقط وأصبحتا بإسم القناة الأولى والقناة الثانية وكان هناك رسوم سنوية تسدد عن كل تليفزيون حيث عند شراء أى جهاز تليفزيون يتم تسجيل إسم المشترى وإبلاغ الجهة المختصة لزوم بدء تحصيل الرسوم منه سنويا وقد تم إلغاء هذه الرسوم في بداية سبيعينيات القرن العشرين الماضي في بداية عهد حكم الرئيس أنور السادات …..
وكان الإرسال في البداية غير ملون وقرب نهاية السبعينيات بدأ الإرسال الملون ومع بداية الثمانينيات أضيفت قناة ثالثة وكان إرسالها وبرامجها ببث فقط للقاهرة الكبرى وتباعا بدأت تظهر القنوات الإقليمية فتأسست القناة الرابعة لمنطقة القناة والقناة الخامسة لمحافظات البحيرة والإسكندرية ومطروح والقناة السادسة لمنطقة الدلتا والقناة السابعة لمنطقة شمال الصعيد والقناة الثامنة لمنطقة جنوب الصعيد وفي منتصف تسعينيات القرن الماضي العشرين تم تشييد مدينة الإنتاج الإعلامي في مدينة السادس من أكتوبر وتشمل عدد كبير من استوديوهات التصوير والبث التليفزيوني علاوة على تشييد ديكورات ثابتة لنماذج الأحياء الشعبية لزوم تصوير المسلسلات التي تدور أحداثها في حي شعبي والأحياء التاريخية الفرعونية والإسلامية لزوم تصوير المسلسلات التي تدور أحداثها في تلك الأزمنة وقرب أواخر التسعينيات تم إطلاق القمرين الصناعيين نايل سات 1 ونايل سات 2 وأصبح يبث عليهما إرسال القناتين الأولى والثانية وبذلك وصل الإرسال التليفزيوني المصرى إلى كل دول العالم كما تعاقدت العديد من القنوات في البلاد العربية مع إدارة الأقمار الصناعية بمصر لزوم بث برامجها عبر الأقمار الصناعية المصرية وقام اتحاد الإذاعة والتليفزيون في مصر تباعا بتأسيس قنوات النيل المتخصصة والتي بدأت بقناة النيل العامة وقناة النيل للأخبار ثم تلا ذلك قنوات النيل الثقافية وقناة النيل للأسرة والطفل وقناة نايل لايف وقناة النيل للدراما وقناة النيل للأفلام وقناة النيل الرياضية وقناة النيل للكوميديا بالإضافة إلى قناة النيل باللغة الإنجليزية وكلها تبث علي القمر الصناعي المصرى لكل دول العالم وهكذا يواكب الإعلام المصرى التطور والتقدم الهائل في هذا المجال وبذلك تصبح مصر قادرة على توصيل صوتها إلي كل دول العالم كما يستطيع الشعب المصرى متابعة كل مايدور في العالم من حوله ومايستجد من أحداث وفي نفس لحظة وقوع الحدث كما أصبح الإرسال التليفزيوني والإذاعي مستمرا ولاينقطع خلال اليوم بأكمله …..
ولايفوتنا في هذا المجال أن نذكر بعض من رواد العمل الإذاعي والتليفزيوني الذين حملوا علي أكتافهم مسؤولية النهوض بهذين الصرحين الكبيرين ومنهم علي سبيل المثال لا الحصر الأساتذة علي خليل ومحمد فتحي وحافظ عبد الوهاب ومحمد محمود شعبان ووجدى الحكيم وكامل البيطار وعلي فايق زغلول وأحمد سمير وعبد الرحمن علي وحلمي البلك والأستاذات صفية المهندس وسامية صادق وفضيلة توفيق وآيات الحمصاني ونادية صالح وعواطف البدرى وليلى رستم وأماني ناشد وسلوى حجازى وملك إسماعيل وسامية الأتربي وفريال صالح ونجوى إبراهيم وسهير شلبي وفايزة واصف وهمت مصطفي وأحلام شلبي وسهير الأتربي وحمدية حمدى …..